تدابير القدر

لم تنم تلك المرأة الطفلة في تلك الليلة من فرح مشوب بقلق وخوف وتوتر ..
فرحة كتلميذة في بداية العام الدراسي شوقاً إلى المدرسة وهي تنتقي بأي حقيبة ستذهب وماذا ستضع بها
فهي كل ما تذكرت شيئاً قفزت من فراشها لتضعه حتى لاتنسى
لم تنسى أن تضع دفتر ملاحظات صغير وقلم .. وشاحن الجهاز الخليوي (طبعاً ليست التلميذة بل تلك المرأة الطفلة )
معقم اليدين .. محفظة صغيرة تحتوي على مقص للاظافر .. ووووووو…
طبعاً بالعادة يتبادر إلى ذهن الرجال أن أول مايمكن أن يكون موجود بحقيبة يد امرأة هو أدوات الزينة .. طبعاً لاأنكر
أنها ممكن أن تكون من ضمن المحتويات وليست كلها .. بالنسبة لها حقيبتها هي أمانها خارج مملكتها فبها تجد كل ماقد تحتاجه.. وتشعر بتوتر إذا إكتشفت بنقص في محتوياتها حتى ولو لم تكن بحاجته …
طبعاً لم تنسى أن تضع كتاباً فربما تصفحته إذا سمح لها الوقت …
طبعاً إطمئنت أن كل ماقد تحتاجه موجود بالإضافة إلى تجهيزها ماذا سترتدي … ثم أعطت أمرها لعقلها الباطن ليجبر عينيها على الإستسلام لرغبتها …. فيجب أن تنام فغداً هي على موعد مع الحياة …
لم تتوقع أو تنتظر يوماً تلك المرأة الطفلة أن تخوض تجربة العمل …
ولكن القدر رتب لها وشاء ..
ذاهبة كانت إلى ذلك المختبر الطبي لإجراء فحوصات طبية لإبنتها تفاجأت بأسعار التحاليل استشاطت غضباً
وطلبت من الموظفة لقاء المدير … أخبرتها الموظفة بأنه سيتأخر قليلاً ..
حسناً سأنتظر .. جاوبت الموظفة .
انتظرت قليلاً في غرفة الإنتظار حتى أتى المدير متسائلاً مالمشكلة ،، شرحت له عن أسعار التحاليل المرتفعة ،
وكم كان ذلك المدير مهذباً وراقياً بأخلاقه وصاحب تعامل إنساني إضافة إلى ذلك الهدوء المصاحب له وتلك البسمة المرافقة لكلماته …
طبعاً بلطفه ودماثة أخلاقه سوّى الموقف ..
لكن الغريب بالموضوع أنه سأل تلك المرأة الطفلة هل من الممكن أن تعمل لديه بالمختبر …فاجأها هذا السؤال ، وجداً ..
ضحكت وتذكرت بأن لامؤهل جامعي لديها فحزنت بقلبها(فكم يشعرها ذلك بالنقص لأنه حلمها الذي وقفت فلسطينيتها أمامه ).. ولكنه طمأنها قائلاً بأنها سيعدها للوظيفة ويضعها تحت التدريب …
انصرفت من عنده على وعد بأن تجاوبه لاحقاً ..
عادت إلى مملكتها وهي فرحة كطفلة .. مذهولة ومتفاجئة ومتسائلة مالذي دعاه إلى أن يعرض عليها العمل ..
ماهو الشيء المميز الذي رآه بها ولم تره هي في نفسها .
وافقت على طلبه وحدد لها موعد لتبدأ به الدوام …
بعد بدأ دوامها بيومين عرفت لم هو عرض عليها العمل عنده …
فتراتيب القدر شاءت بأن يظنها المدير أنها قادمة إليه من طرف صديقة له لإجراء تحاليل ومساعدتها بالحصول على عمل .
تبسمت تلك المرأة الطفلة وسرحت بفكرها وخيالها …
هي باتت تعرف بأن الكل في هذه الحياة يقابل الكثير ويمر بتجارب كثيرة …
الفاشل منها يقويه فهو يجعله يعرف مواطن الضعف والقوة في ذاته وتجبره أحياناً على المواجهة خصوصاً إذا شعر بالظلم .. وبعد مرور الزمن حين يتذكر مامر به يشعر بالفخر لأنه قدر على التحمل والمواجهة ..
أما التجارب الناجحة فهي تزيد من الثقة بالنفس والسعادة وماأحوجها إليها تلك المرأة ..
هي الآن تخوض تجربة جديدة لم تتخيل يوم أن تخوضها
ولكن هي مشدوة من جهتين
خوف من الفشل يشدها من جهة
وتحدي ونظرة أمل للمستقبل من جهة
هي تعلم أن الحياة فرص وتتمنى أن يقبل الحظ صداقتها
هي تعلم ايضا أن الله يحبها وسخر لها تراتيب القدر للقاء ذلك الإنسان المدير ..
ولكن السؤال …
هل ستثبت ؟؟؟
وهل ستقدر على نحر ذلك الخوف الذي ينهشها ويستقوي عليها ؟؟؟؟

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *